هل ستكون فتح أفضل بدون دحلان؟!
لمى خاطر
خلال نقاشي مع بعض الإعلاميين والسياسيين على صفحات الفيسبوك حول فصل دحلان من مركزية فتح وإحالته للقضاء، وجدت أن هناك من قلَّل
من أهمية الحدث، وذلك كون الفصل لم يأت على خلفية الجرائم التي ارتكبها دحلان على مرّ تاريخه، بل نتيجة خلافاته مع قيادات عليا في الحركة
وخصوصاً محمود عباس وتشهيره به وبأولاده، يضاف إلى ذلك أن محاكمة الرجل في حال تمت، لن تكون سوى على جزء يسير مما اقترفه، وهو
المتعلق بحركة فتح وبعض قادتها، ممن كان دحلان مسؤولاً عن تصفيتهم.
والكلام أعلاه فيه قدر غير قليل من الوجاهة، فالفساد المالي لدحلان ليس جديدا، ويفترض أن قيادة حركته كانت على دراية به منذ أمد طويل كون الرجل كان يستخدم المال وسيلة لاستقطاب المؤيدين والعاملين تحت إمرته في قطاع غزة، وهو ما تجلى على نحو صارخ في الفترة التي سبقت أحداث الحسم، حيث كان معظم المتورطين في جرائم تلك الفترة من أتباع دحلان، وعلى رأسهم قادة فرق الموت التي أنشأها في القطاع، مع العلم أن تعاطيه مع خصومه عبر لغة القتل هو سياسة معتمدة لا تقتصر على تعامله مع أعدائه في حماس بل حتى داخل فتح نفسها.
كنت فيما مضى ضدّ تضخيم دور دحلان، وإعطائه هالة أكبر من حجمه، رغم أن نزعة التخريب والفتنة صفة أصيلة في الرجل كما هو واضح، وكنت أعارض رمي كل فساد فتحاوي على شماعة دحلان، فهو في النهاية ليس الفاسد الوحيد ولا المنسق الأمني الوحيد مع الاحتلال، بل وليس المجرم الوحيد الذي أشرف على عمليات قتل منظمة لخصومه. لكن (الظاهرة الدحلانية) داخل فتح أمر واقع لا يختلف عليه اثنان، ولا أقصد هنا من يماثلونه في تفكيره وسلوكه، بل تلك القاعدة الواسعة من المناصرين له داخل الحركة وخصوصاً في قطاع غزة، حيث تكاد تقف فتح كلها هناك خلفه، وتبدو مستعدة لدعمه ومباركة مواقفه حتى مع كل ما رشح عن أدواره القذرة داخل فتح وعلى صعيد العلاقة المتوترة مع حماس.
وهذه القاعدة لا ترى في دحلان سوى صورة القائد المنقذ الذي يتقن أسر خيالها، وصبّ وعود الانتصار على حماس في آذانها، فتأييدها لدحلان كان دائماً نابعاً من حجم عدائه لحماس، حتى لو كان هذا العداء بمستوى تهديدات جوفاء سرعان ما انهار رصيدها عند الحسم، وفراره من غزة تاركاً أنصاره وحدهم.
لذلك أرى أن خلاص فتح من دحلان ثم محاكمته سينعكس بالإيجاب على حركة فتح عموما، ثم على علاقاتها مع حماس، ليس لأن دحلان هو رأس الأفعى ومصدر الفساد والفتنة الوحيد، بل لأن بقاءه داخل فتح كان سيعني الاستمرار في تجييش فئة كبيرة من مناصريها خلفه، وتبني نهجه الدموي في التعاطي مع الخصوم، وتغليب النظرة الحزبية السوداء التي لا ترى الآخرين ولا تقر بحقهم في الوجود.
سقوط دحلان كرمز لنهج الدموية والفساد سيعني الكثير دون شك، وأهمية هذا السقوط تأتي من كونها بفعل فتحاوي، فهذا سيكون إيذاناً بتفتيت الظاهرة التي أسس لها ورعاها، وانفضاض المرتزقة من حوله، وخصوصاً إذا ما تمت محاكمته وتجريده من عامل استقوائه بالمال.
ولذلك، وبغض النظر عن الأسباب التي دفعت فتح لإنهاء دحلان، أرى أنه لا يجوز التقليل من انعكاسات غيابه على حركة فتح بشكل خاص، وعلى مستقبل العلاقات الفلسطينية الداخلية بشكل عام.