شدَّد رئيس الحكومة الفلسطينية القيادي البارز في حركة حماس الأستاذ إسماعيل هنية أنَّ حركته حافظت على المقاومة كمشروع وخيار استراتيجي للتحرير جنباًإلى جنب مع العمل السياسي والدبلوماسي المنضبط والملتزم بمبادئ وثوابت القضية الفلسطينية، مؤكّداً أنَّه خلال السنوات الخمس الماضية، خاضت حماس تجاربفيغاية التعقيد وغاية الخطورة على صعيد برنامج المقاومة، في مقدمتها الحرب التي شنها الصهاينة على قطاع غزة على مدار اثنين وعشرين يوما.
وأكَّد هنية خلال حوار مع صحيفة الأخبار المصرية نشرته الإثنين (4/7) أنَّ حماس استطاعت أن تجمع بين المقاومة والسياسة، منوّهاً إلى أنَّ وجود حماس في الحكم قوَّى من المقاومة ومن مشروعها؛ "لأنَّه مثلاً في المجلس التشريعي قدَّم الإخوة في المجلس التشريعي قوانين من أجل حماية سلاح المقاومة، ومن أجل حماية المقاومة والمقاومين، وتحريم أي مساس بالمقاومة وسلاحها".
وزاد هنية خلال حديثه:" ومن المفارقات الايجابية بأنَّ عملية خطف الجندي شاليط تمَّت أثناء وجود حركة حماس في الحكم بمعنى أنَّ حماس لم تسقط واجب تحرير الأسرى، وفكرت في كل الاتجاهات قبل وجودها في الحكم، وأيضاً بعد وجودها في الحكم، فنجحت هذه العملية على يد فصائل المقاومة، وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس".
ورفض هنية الربط بين حركة حماس والحكومة الفلسطينية، قائلاً:" لا يمكن أن تكون حماس حكومة والحكومة حماس ... حماس فصيل كبير له أجندة، له إستراتيجية، له قواعد، له مؤسسات، له قيادة، له ارتباطات داخلية وخارجية، وهي تسير بوضوح في خط مستقيم في تنفيذ سياستها وإستراتيجيتها"، مضيفاً:" الحكومة تختلف، لها وزارات ولها مؤسسات ولها دوائر ولها لجان، ولها أيضاً ارتباطات وهي حكومة تمثل كلَّ أبناء الشعب الفلسطيني بألوان الطيف المختلفة، لذلكالحكومة تقرّر لنفسها فيما يتعلق بالشأن العام الفلسطيني".
وجدَّد القيادي البارز في حركة حماس التزامهم بالمصالحة الفلسطينية، قائلاً:" لن نتخلى عنها، معنيون بتطبيقها، ومعنيون بأن شعبنا الفلسطيني يعيش حالة شراكة سياسية والأمنية الحقيقية، وحماس أبدت مرونة كبيرة في هذا الملف".
وفي معرض ردِّه، عن ماذا تمثل لكم ثورة 25 يناير المصرية، أجاب هنية:"هي بارقة الأمل، وهي نقطة التحوّل التاريخي استعادة الدَّور المفقود لمصر العظيمة الكبيرة الأمل الكبير جداً بأنَّ التحرير أصبح قريباً في فلسطين والقدس أصبحت قريبة، بإذن الله تعالى".
وإليكم الحوار الذي أجراه الباحث المتخصص في الشأن الفلسطيني الصحفي المصري إبراهيم الدراوي مع القيادي إسماعيل هنية:
س/ خلال أسبوع من وجودي في غزة شاهدنا إنجازات على أرض الواقع، كيف وصلتم لهذه الإنجازات في غزة في ظل ظروف الحصار؟
بداية، أتوجَّه للشعب المصري الشقيق بكامل التهنئة بانتصار الثورة وأدعو الله سبحانه وتعالى أن يحفظها من المكائد سواء كانت الداخلية أو الخارجية لتستعيد مصر دورها الطبيعي، وخاصة في دعم القضية الفلسطينية وتحرير المسجد الأقصى والقدس بإذن الله تعالى ... ولاشك أننا تعرَّضنا وتواطأت علينا قوى فلسطينية وقوى عربية وإقليمية ودولية بهدف إجهاض التجربة والالتفاف على إرادة الشعب الفلسطيني، ولكن نحن كنا مصمِّمين على تحدِّي هذه الإرادة الظالمة سواء كانت في سياقها الإقليمي أو الدولي، وكنا معنيين بأن نعكس بأمانةٍ وصدقٍ إرادةَ الشعب الفلسطيني التي ظهرت في صناديق الاقتراع، لذلك وجدنا أمامنا ملفات عديدة؛ أولها الملف السياسي بمعنى كيف نستعيد وهج القضية الفلسطينية، وكيف نعيد الاعتبار لقضيتنا الفلسطينية باعتبارها قضية تحرّر وطني، وأنه هناك أرض فلسطينية لا يمكن لأحد أن يتنازل عنها، فأظهرنا هذه المواقف السياسية بشكل واضح جداً، وأصبح معلوم لدى كل الأطراف أن الحكومة الفلسطينية هي حكومة أمينة على ثوابت ومبادئ الشعب الفلسطيني والأمة، وأنَّها لا يمكن أن تفرِّط وأن تعترف بالاحتلال هذا بحدِّ ذاته كان إنجازاً في مواجهة حالة التدهور التي عاشتها القضية الفلسطينية على مدار ثمانية عشر عاما من المفاوضات العبثية.
الدمج بين المقاومة والسياسة
س/ كيف استطاعت حركة حماس الدَّمج بين المقاومة والسياسة، وهل نجحتم بالفعل ؟
نعم، لا شك أنَّ البعض اعتقد أنَّ حركة حماس عندما ستقوم بالمشاركة في السلطة أو الحكم، سيكون على حساب مشروع المقاومة .. الأمر لم يكن على هذا النحو، حماس حافظت على المقاومة كمشروع وخيار استراتيجي للتحرير جنباًإلى جنب مع العمل السياسي والدبلوماسي المنضبط والملتزم بمبادئ وثوابت القضية الفلسطينية، وخلال الخمس سنوات الماضية، خضنا تجارب فيغاية التعقيد وغاية الخطورة على صعيد برنامج المقاومة في مقدمتها الحرب التي شنها الصهاينة على قطاع غزة على مدار اثنين وعشرين يوماً.
حركة حماس من خلال كتائب القسَّام إلى جانب فصائل المقاومة الفلسطينية هي التي قادت هذه المعركة ولم يكن وجودها في الحكم على حساب قدرتها الدفاعية وقدرتها على التصدي للاحتلال الصهيوني، ومن المفارقات الإيجابية بأنَّ عملية خطف الجندي شاليط تمَّت أثناء وجود حركة حماس في الحكم، بمعنى أنَّ حماس لم تسقط واجب تحرير الأسرى، وفكرت في كل الاتجاهات قبل وجودها في الحكم وأيضاً بعد وجودها في الحكم فنجحت هذه العملية على يد فصائل المقاومة وفي مقدمتها حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقبل شهرين أو ثلاثة كان هناك جولة فيغاية الصعوبة، وما قام به العدو من عمليات اغتيال لقيادات وكوادر فلسطينية ، وفي مقدمتها كوادر حركة حماس وأيضا الحركة لم تقف مكتوفة الأيدي وتصدت لذلك واستمرت المواجهة أكثر من أسبوع علي هذا الصعيد، وأيضاً هي تحافظ علي حضورها القوي في خط المقاومة، ولو في الإطار الشعبي والإعلامي في الضفة الغربية والممانعة السياسية والإعلامية لذلك استطيع القول بأنَّ تجربة الحكم هي تجربة ناضجة على هذا النحو؛ لأنَّ حركة حماس استطاعت أن تجمع بين المقاومة والسياسة، ولم يكن شيء على حساب الآخر، بل بالعكس الوجود في الحكم قوى من هذا الخيار ومن هذا المشروع لأنَّه مثلا في المجلس التشريعي قدم الإخوة في المجلس التشريعي قوانين من أجل حماية سلاح المقاومة ومن أجل حماية المقاومة والمقاومين وتحريم أي مساس بالمقاومة وسلاحها .
س/ تحدثتم عن شاليط، هل لكم موقف كحكومة أم هذا الملف في يد القسَّام ؟
هو في يد القسَّام وفصائل المقاومة الآسرة هي التي تدير المفاوضات في هذا الملف، وهي التي يمكن أن تحدِّد النقطة إلى من خلالها تقبل أو لا تقبل بتنفيذ صفقة ما، ونحن في الحكومة موقفنا معلن وواضح، نحن نتبنى ونؤيد مطالب فصائل المقاومة الفلسطينية، بل وندعو إلى التسريع من أجل التوصل إلى صفقة بموجبها تنتهي هذه القضية، سواء قضية أسرانا في سجون الاحتلال الصهيوني، أو قضية الجندي الأسير.
حماس بين الحكومة والحركة
س/ هناك إشكالية في الفهم بين حكومة حماس وحركة حماس، هل القرار في حكومة حماس يخرج من حركة حماس، أم قرار حماس يخرج من الحكومة ؟
لا يمكن أن تكون حماس حكومة والحكومة حماس ... حماس فصيل كبير له أجندة، له إستراتيجية، له قواعد، له مؤسسات، له قيادة، له ارتباطات داخلية وخارجية، وهي تسير بوضوح في خط مستقيم في تنفيذ سياستها وإستراتيجيتها .. الحكومة تختلف، لها وزارات، ولها مؤسسات، ولها دوائر، ولها لجان، ولها أيضاً ارتباطات، وهي حكومة تمثل كلَّ أبناء الشعب الفلسطيني بألوان الطيف المختلفة لذلكالحكومة تقرّر لنفسها فيما يتعلق بالشأن العام الفلسطيني .. حماس تقرّر لنفسها فيما يتعلق بالمقاومة وكيفية تثبيت عناصر الصمود للشعب الفلسطيني، لكن لاشك بأنَّ هناك تقاطعات ما بين الحركة وما بين الحكومةفي الكثير من القضايا بما فيها الملف السياسي هناك رؤية متقاربة؛ لأننا أبناء حماس وخرجنا من رحم هذه الحركة، وبالتالي حينما وصلنا للحكم فإننا نعكس الموقف السياسي لهذه الحركة من حيث الحفاظُ على المبادئ موضوع الحقوق والأسرى والقدس ورفضنا الاحتلال والاستيطان والتوطين والتهجير.
وهناك تقاطع كبير، فحماس تدير المقاومة على الأرض والحكومة ليست ضد مشروع المقاومة، هناك تقاطع في العمل الخيري والعمل المؤسساتي والإنساني والاجتماعي والاقتصادي .. الحكومة تدير هذا البلد، وحماس تتقدم الحكومة في مطالب معينة، هناك تقاطعات، وهناك فروقات أيضا، كل حسب اختصاصاته وصلاحياته.
العلاقة مع الإخوان المسلمين
س/ ما هي الإشكالية بين حماس والإخوان المسلمين؟
لا يوجد إشكالية بالنسبة لحركة حماس هي حركة فلسطينية وحركة تحرّر وطني وتعمل داخل الأرض الفلسطينية وتقاتل الاحتلال الصهيوني داخل الأرض الفلسطينية .. بالمعنى التنظيمي لا امتداد لحركة حماس خارج فلسطينإلا في الشتات الفلسطيني .. هذه هي دائرة حركة حماس الحركية والتنظيمية، نحن نعتز بانتمائنا لمدرسة الإخوان، وهذا ليس سرّاً، وهذا موضع فخر بالنسبة لي، ولكن نحن ليس لدينا أي ارتباطات تنظيمية مع الإخوان في مصر، الإخوان في مصر في كيانهم، وفي بلدهم وفي قطرهم، ونحن هنا في بلدنا وفي دارنا، وليست هناك أي ارتباطات تنظيمية بيننا وبين الإخوان المسلمين في مصر، هذا شرف لا ندعيه، وفي نفس الوقت نحن لا نتبرأ من كوننا أبناء هذه المدرسة التي نعتز بها، ونرى أنها تقود حركة التغيير في عالمنا العربي هذه الأيام.
نقطة التحول التاريخي
س/ ماذا تمثل ثورة 25 يناير لرئيس الوزراء وللشعب الفلسطيني؟
هي بارقة الأمل، وهي نقطة التحوّل التاريخي استعادة الدور المفقود لمصر العظيمة الكبيرة الأمل الكبير جداً بأن التحرير أصبح قريباً في فلسطين والقدس أصبحت قريبة، حينما تتحوّل مصر بهذا الزخم وبهذا العمق الاستراتيجي وبهذا المخزون البشري، وبهذا التاريخ الكبير وبهذه المباشرة مع الشعب الفلسطيني أن تتحول من نظام كان يحاصر أو يعادي أحياناً إلى نظام يتبنى القضية ويحمي القضية ويرفض التورط في حصار قطاعغزة ويرفض التورط في إعطاءغطاء لأيّ عدوان علي قطاعغزة هذا بالنسبة لنا شيء كبير جداً، وأنا أقول ليس فقط لفلسطين مصر ليست دولة مصر أم وحينما تتحول إيجابيا، فهذا ينعكس على واقع الأمة، وحينما تعيش مصر بمراحل من الضعف والتبعية للغير خاصة في إطار السياسي الرَّسمي، فمعنى ذلك أنَّ الأمَّة تصاب بالنكسة، وهذا واضح جداً، وأملنا كبير في مصر، ونرى ما حصل في مصر وتونس وما يحصل في الثورات العربية بالتأكيد له انعكاسات إيجابية علينا كفلسطينيين، وعلى قضيتنا بشكل عام، كلي أمل أن تصل سفينة الثورة المصرية إلى شاطئ الأمان، وأن يجري حمايتها من الكثير من الأمور، البعض يريد أن يحول الثورة إلى أزمة في مصر البعض يريد أن يحتوي الثورة، البعض يريد أن يبقى الثورة في مكان المراوحة بحيث تصبحغير قادرة على النهوض وغير قادرة على العودة لما كانت عليه ، لذلك هذه مسائل فيغاية الأهمية وثقتنا كبيرة في قيادة الثورة المصرية والقيادة المصرية والشعب المصري وشباب الثورة في مصر، لأنَّهم هم الذين صنعوا هذا التاريخ الجديد، ويكتبون صفحات تاريخ جديد قادرين أن يتجاوزوا كلَّ العقبات والتحديات التي تواجه هذه الثورة المجيدة.
ملف المصالحة
س/بالنسبة لملف المصالحة الذي تعثر، الآن كيف تسهم حركة حماس في إنجازه، وهل تقدِّم بالفعل حركة حماس تنازلات لم يرها الناس في موضوع المصالحة؟
نحن ذهبنا للمصالحة بكلِّ قوَّة وإرادة صادقة،المصالحة خيار وضرورة وقناعة، ولذلك نحن وقعنا ونحن مرتاحون ومنسجمون بالكامل مع قناعاتنا، ومع إرادة الشعب الفلسطيني في إنهاء الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية، ومن أجل الوصول إلى لحظة التوقيع، وحماس أبدت مرونة كبيرة من حيث الشكل، والجميع تابع رفض الأخ أبو مازن أن يجلس مع الأخ أبو الوليد على الطاولة ورفض أن يوجّه كلمة وتعاطي مع الأمور بنوع من الفوقية، والحركة استوعبت هذا الموضوع من أجل شعبنا ومن أجل المصالحة ومن أجل الراعي المصري واحترام الراعي المصري للمصالحة في المضامين، حينما تتخلّى حماس عن الأغلبية التشريعية، وتقبل بألا تكون هي سيّدة الموقف في تشكيل حكومة، وهذا حق دستوري لها وتقبل بحكومة توافق وطني وشخصيات مستقلة هذه أيضاً شيء من المرونة ليست سهلة حينما توقع حركة حماس على الاتفاق ولا يزال المعتقلون السياسيون في سجون السلطة الفلسطينية، رغم أنَّ هذا كان في يوم من الأيام شرط لأي توقيع على اتفاق.... استحضارامن حركة حماس للخطورة التي نمر بها، والرغبة في إحداث اختراق في ملف المصالحة قبلنا أن نوقع والإخوة ما زالوا موجودين في السجون وحتى هذه اللحظة يعانون.. وهناك مرونة عالية قدمتها حركة حماس والمرونة وأنا أحدث شعبنا وأمتنا هي مرونة في الإداريات وليس مرونة في المباد والثوابت والقطعيات السياسية بالنسبة لنا هذا شيء لا يمكن أن يمسه أحد لذلك قدمنا هذه المرونة من أجل الوصول للمصالحة، وكنا ذاهبين بقوَّة لتطبيق هذا الاتفاق، لكن للأسف الشديد أنا أرى أنَّ هناك بطئاً شديداً وتراجعاً من قبل رام الله عن التطبيق، ممكن هذا بفعل عوامل متعددة الضغط الأمريكي الصهيوني.. رغبة أبو مازن بالعودة للمفاوضات لا يريد أن يقيّد نفسه بقيد سياسي.. عينه على استقلال أيلول موضوع الدولة الوهم الذي يسمّى الدولة المفاوضات المحكوم عليها بالفشل مسبقا، حتى لو استؤنفت لذلك هذه العوامل كلها يبدو أنَّها تشكل نوعاً من الكوابح لم تسمح بأن تدور العجلة بالشكل المطلوب .. نحن من جانبنا ما زلنا ملتزمين بالمصالحة، ولن نتخلى عنها، معنيون بتطبيقها، ومعنيون بأن شعبنا الفلسطيني يعيش حالة شراكة سياسية والأمنية الحقيقية.
التفاوض بين فتح وحماس
س/ البعض يرى أنَّكم أخطأتم في التفاوض مع أبو مازن ؟
لا أنفي الكلام الذي تفضلت به، ولا أنفيه مطلقاً، ولكن أخطأنا، هذا يحتمل الصَّح أو الخطأ، بمعنى أننا نحن القضية الفلسطينية أكبر من أشخاص، والتحديات التي تواجهها اليوم هي أكبر من الخلافات الصغيرة، من يستفيد ومن يخسر القضية الأساسية هل سيربح الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية من المصالحة أم لا . أنا أقول: نعم، بغض النظر عن الأشخاص لأنَّهم متحرّكون، المهم القضية الثابتة الشعب الفلسطيني له وجود، نحن نتحدَّث عن مخاطر تواجه القدس واللاجئين، اليوم في مؤامرة توطين نتحدَّث عن استيطان يتغوّل في الضفة الغربية، نتكلم عن الجدار الذي يبتلع الأرض نتكلم عن سبعة ألاف أسير يعانون في سجون الاحتلال الصهيوني، نتكلَّم عن حصار في قطاعغزة، ونتكلَّم عن إعادة إعمار فيغزة، نتكلم عن فتح المعابر فيغزة، نتكلم عن نسيج اجتماعي تفكك بعض الشيء لدرجة العداء النفسي بين الناس، كلّ هذه المسائل في كفة، ماذا يجب عليك أن تفعل ؟ يجب عليك أن توحّد الشعب الفلسطيني، أن تواجه كلَّ هذا الموضوع والقضية الفلسطينية هي التي ستربح والشعب الفلسطيني أحرار الأمَّة، وحينما يرون الشعب الفلسطيني موحداً، قد يكون على هامش هذا الأمر حسابات صغيرة يربح فيها أبو مازن أو يخسر فيها، هذا شيء آخر، المهم لنا كيف تربح القضية الفلسطينية هذا أولا.
ثانيا: الوضع لدينا في فلسطين يختلف عن الوضع في البلاد العربية، لأن البلد العربية مستقرة تصنع ثورات وتغيّر نظماً، نحن هنا لسنا دولة لا وجود لدولة ولا وجود لنظام سياسي مستقر، نحن هنا تحت احتلال وفي مرحلة تحرّر وطني أنت لا تقلب أنظمة، نحن معنيون بقلب الاحتلال، كيف تزيل الاحتلال صهيوني لاسيّما أنَّ السلطة التي تتحرّك في ظلالها ليست سلطة بالمعني المتكامل، لا تملك حريتها سلطة تحت الاحتلال في الضفة الغربية، وهنا حكومة نملك إرادتنا ونملك قرارنا واستقلالية هذا القرار وانعكس هذا على أشياء كثيرة جدا، لكنغزة محاصرة لذلك لا نستطيع أن نأخذ التجربة الخاصة بالنظام العربي والثورات العربية ونطبقها هنا بالمعني الكلاسيكي.
التنازلات
س/ البعض يرى أنكم قدَّمتم تنازلات، فما المشكلة في تقديم تنازل آخر، وتقبلوا بسلام فيَّاض رئيسا للوزراء الفلسطيني؟
حينما نقول: إنَّه منغزة ليس تحيّزاً لغزة بقدر ما هو توزيع مواقع رؤوس السلطة رئيس السلطة في الضفة ورئيس المجلس التشريعي في الضفة، وقطاعغزة لا تستطيع أن تجعله خالياً من موقع رئاسي حتَّى لا يصبح فاقد للفاعلية السياسية لابد أن يكون منغزة.
ثانيا سلام فيَّاض له حكاية، يجب أن لا نمرّ عليها مروراً سريعاً، هو يرأس حكومة في الضفة جاءت بعد الحكومة الشرعية وعلى أنقاض حكومة وحدة الوطنية، لأنه شكَّل حكومة بقرار من أبو مازن، اليوم الحكومة الشرعية هي حكومةغزة هي تمتلك الأغلبية الدستورية والشرعية والعالم يعرف هذا الكلام.
الموضوع الثاني إذا كانت المسألة تتمثل في شخصنة رئاسة الوزراء فهذا شيء، وإذا كان الحديث عن معايير، فيجب أن تتوافر في رئيس الوزراء من أجل تمرير الحكومة حتَّى يكون لها قبول إقليمي ودولي، فهذا شيء آخر .
المعايير تنطبق على عشرات الأسماء ليست محصورة في سلام فيَّاض، أمَّا إذا كان الموضوع سلام فيَّاض لشخصه فهذه مشكلة، فهل يمكن أن تقبل كرامتنا نحن الفلسطينيين بأنَّ كلَّ الشعب الفلسطيني ليس فيه قيادات أو حكومة إلاَّ الشخص الفلاني وكرامتنا الوطنية لا تقبل ذلك .
الموضوع الثالث النهج السياسي الذي يتبناه سلام فَّياض والتقاطع مع ما يسمَّى السلام الاقتصادي في الضفة الغربية وبناء مؤسسات دولة وهمية على حدود الجدار، فهذا شيء لا نقبله .
عند الحديث عن موضوع التعاون الأمني مع العدو والأجهزة الأمنية في ظل حكم سلام فيَّاض هي التي قمعت الانتفاضة والمقاومة في الضفة الغربية، واعتقلت المقاومين والأجهزة الأمنية التي تعمل في الضفة الغربية على تعاون كامل مع الأجهزة الأمنية الصهيونية، وهو على رأس هذه المنظومة السياسية .. فكيف لنا نحن كوطنيين أن نقبل بهذا الأمر .
الموضوع لا علاقة له بالتناول بقدر ما له علاقة بالكرامة الوطنية وبتطبيق حكومة التوافق الوطني المشكلة أنَّ أبو مازن يريد أن يشكِّل حكومة بمقاسه الخاص، وأن يضع لها رئيس الذي يريد، وهذا منافٍ للاتفاق، لأنَّ الاتفاق يتكلَّم عن حكومة توافقية، يعني بصمة الكل موجودة في الحكومة حتَّى نتحدَّث عن حكومة توافق وطني. عندما يتحدث أبو مازن بأنَّ هذه الحكومة حكومته، وسأعيّن عليها رئيساً سلام فيَّاض، وهي ستطبق سياساتي، فهذه لا تكون حكومة توافق وطني، هذه حكومة قرار بعيد عن التوافق.
وأوّد أن أقول شيئاً مهماً : إنَّه عندما نتحدَّث عن رفض فيَّاض، فنحن لا نجرح به السيّد سلام فيَّاض كان وزيرَ مالية في الحكومة التي كنت أرأسها، ومعرفتي به رجل محترم بصفاته وأخلاقه، نحن لا نتكلَّم عن شخصه، نحن نتكلم عن سياق وطني سياسي في مرحلة ما، الرَّجل أصبح على رأس هذا الوضع بهذه الطريقة.
س/ كيف تمَّ صقل شخصية إسماعيل هنية، هل بالتجربة أم أنَّ هناك ماضياً منذ تجربة كونك مديرَ مكتب الشيخ الشهيد أحمد ياسين؟
أنا عبدٌ فقير إلى الله عزَّ وجل، ولا ندَّعي الكمال، فالكمال لله عزَّ وجل، ونحن بشر أصبنا وأخطأنا في تجربتنا، ونحسب أن الله يغفر الزلات ويزيل العثرات.
لا شك أنني موجود في هذا السياق منذ وقت طويل، منذ أن كنت في الجامعة منتصف الثمانينات كرئيس لاتحاد الطلبة وعضو في اتحاد الطلبة وقيادات الكتلة الإسلامية، ودخلت السجن في الانتفاضة الأولى، ثمَّ أبعدنا إلى مرج الزهور في جنوب لبنان، ثمَّ عدنا لممارسة العمل السياسي، العلاقات الوطنية، ولجنة المتابعة العليا لانتفاضة الأقصى، ثمَّ مدير مكتب الإمام الشيخ أحمد ياسين رحمه الله مع إخوان أيضاً في لجان الحوار الوطني، ثمَّ مرحلة الانتخابات والحكومة والعمل الحكومي لمدَّة خمس سنوات ليست كمثل أي خمس سنوات أخرى خمس سنوات من الحصار والحرب والعدوان والمكائد الداخلية والخارجية ومحاولات الاغتيال.. لاشك أنَّ هذا منحني شيئاً من القدرة على التبصر، أين يضع قدمه، وكيف يمكن أن يمضي بهذه السفينة.