من قصص البطولة والفداء
الشهيد كمال كحيل في ذكراه الثامنة
بعد مرور 8 أعوام على جريمة الاغتيال البشعة
الجنرال كمال كحيل جزار اليهود والعملاء ، ومهندس الاستشهاديين الأول كم نحن بحاجة إليه الآن!!
غزة - خاص
جئت على ميعاد.. جئت على ميعاد .. ميلاد جديد .. ميلاد عظيم .. فما أعظم حياة الجهاد .. كنت دوما تنتظر لحظة التفجير .. كنت تأبي الموت الطبيعي أو حتى الاستشهاد بالرصاص والسكين .....، وانفجرت في لحظة .. أيقظ انفجارك كل العالم و أعاد الفكرة بعد أن ذهبت السكرة وقطع لحمك تتناثر ودمك النازف يكتب البرهان في كل مكان على صدق الطريق .
عندما يتمنطق الرجل بالشهادة عنوانا ويحاصر الموت ويبصق في وجه السجان يتجاوز حدود الزمان .
تعلم أن لونا نادراً من أولئك الأفذاذ الذين صرخوا في وجه فرطقات التقوقع والهزيمة يشمخ أمامك كان ذلك كمال كحيل أعلن استشهاده قبل أن يستشهد وأغلق أمام نفسه كل الخيارات ولم يبق إلا خيار الاستشهاد ، معلم تلك الشخصية التي حار فهمها الكثيرون فكان يردد أمام الجميع ( كل منايا أن استشهد على أرض فلسطين ) .
لم يكن يعرف الخوف طريقا إلى قلبه تبدلت الأيام والأشخاص تغير الزمان وتقلبت القلوب وبقي (أبو محمد )يدافع عن خياره الأوحد ويحاصر التراجع يبقيه في زاوية الوهن ويصفق الباب مقفلا خلفه همهمات العبث وترانيم التراجع .
ميلاد الفارس
في العام ألف وتسعمائة وواحد وستين كانت غزة هاشم بانتظار مولود من لون جديد لم يكن يدرك (آل كحيل ) إن مولودهم الجديد ( كمال ) سيكون له هذا الموقع المتميز والاسم المدوي والصيت اللامع .
في مسجد العباس ( في حي الرمال ) بدأت خطوات كمال الأولى مع بيت الله وسارت حياته الأولى بشكل طبيعي أنهي دراسته الإعدادية ثم عمل في مهنة سمكرة السيارات ثم تزوج ورزقه الله ثمانية أبناء ولكن كل شي تغير يوم انطلقت الانتفاضة المباركة , والتحق كمال فورا بمجموعات حماس الشبابية المنتشرة في كل مكان تسطر خطوطها على الجدران وتشعل الإطارات وتنفذ فعاليات الحركة على أرض الواقع .
أما في المواجهات اليومية مع قوات الاحتلال فكان كمال العلم الأوحد يقارع اليهود بكل مكان لا يهدأ له بال ولا يقر له قرار تراه والرصاص يلاحقه في كل مكان تعتقد أنه استشهد أو أصيب وبعد ذلك تجد المعطف الذي يرتديه مثقوب غير أن كمال بخير ويد القدر تعد كمال لمهمة مقدسة يستحق الرجال مثله أن يؤديها .
ترى كمال دائم الجاهزية مستعداً للانطلاق في كل لحظة وكان يختار دائماً أخطر المناطق كي ينفذ فعالياته هناك .
مع مجموعة النصيرات
ومع انطلاق كتائب الشهيد عز الدين القسام كان على اتصال دائم بمجموعة النصيرات وبالتحديد طارق دخان وياسر الحسنات رحمهما الله ، وبدأ يتحرك مع الشهيدين ويشارك معهما في بعض العمليات العسكرية ضد الجيش والمستوطنين وبعد استشهاد طارق ازداد كمال التصاقاً بالعمل القسامي وارتبط بشكل كامل مع ياسر الحسنات .
كان أكثر ما يكره كمال.. العملاء وكم حاول استفزازهم والتحرش بهم وفي إحدى التحقيقات اعترف عميل لكمال قائلاً " ربنا بحبك كثير فكلما حددت المخابرات موعداً لاعتقالك كنت تعمل مشكلة مع عميل فيتم تأجيل أمر الاعتقال حتى لا تعتقد أن العميل سبب الاعتقال " .
وذات يوم طاردته القوات الخاصة الصهيونية و أمسكت به و أوسعته ضرباً وسبب له بذلك فتقاً في المعدة وكدمات وفي أثناء مكوثه في المستشفي نفذت حملة اعتقالات تبين بعدها أن كمال مسئول أحداث المنطقة وحضرت إلى منزله قوات كبيرة من جيش الاحتلال وتركوا له أمراً بتسليم نفسه حيث إنه كان في المستشفي واستطاع أثناء ذلك الحصول على تقرير طبي بحالته الصحية حاول من خلال ذلك تفادي الاعتقال وبعد ذلك بدأ كمال يتصرف كمطارد واستمر على هذه الحالة عاماً ونصف العام .
في تلك الأثناء عانى أبو محمد من انقطاع كبير في الاتصال مع كتائب القسام ورغم ذلك لم يتراجع بل ازداد نضالاً وعطاء واستطاع تشكيل مجموعة خاصة ووفر لها بعض الأسلحة البيضاء ومسدس اشتراه بعد أن باع مصاغ زوجته ، لم يكن ينظر إلى الجهاد كخيار يمكن أن يتوقف أو يتعطل مهما كانت الأسباب لذلك ما أعجزه الانفراد وعدم الاتصال بسبب الاعتقالات وما أحجمته قلة الإمكانيات بل انطلق بهمة عالية ونفس كريمة معطاءة يبيع مصاغ أهله ويشتري معدات العمل العسكري .
خبير العبوات الناسفة
في تلك الأثناء كان كمال قد بدأ يتخصص بإعداد العبوات الناسفة فأعد عبوة ناسفة خرج بها الاستشهادي أيمن عطا الله ، وبينما كان الاستشهادي ضياء الشرفا يستقل سيارته المفخخة بيد كمال ولم يحدث الانفجار واعتقل ضياء وقاد التحقيق إلى كمال الذي بدأت من اللحظة مطاردته العلنية .
وافتتح كمال صفحة جديدة لم تكن غريبة عنه بل كان ينتظرها وهو يري ياسر وطارق وكافة المجاهدين يتنقلون في الطرقات ويبثون الرعب في قلوب أعداء الله ، كم كان يرغب في بث الرعب وفي أثناء رحلة المطاردة شارك في أكثر من خمس عمليات من بينها إطلاق نار على جيب للشرطة الصهيونية في غزة وبعد كل عملية يزداد ضغط جيش العدو على آل كحيل لاعتقال كمال وفي كل مرة يحطمون أثاث المنزل ويعبثون فيه فساداً وقد وصفته الصحف الصهيونية أكثر من مرة بأنه المطلوب رقم واحد في قطاع غزة .
عمليات متعددة
و نسبت له هجوما قتل فيه مرون سوفل في أغسطس 1994 في منطقة كوسوفيم في قطاع غزة والمشاركة في هجوم على قوات العدو عند مفترق نتساريم في نوفمبر1994 وقتل فيه الجندي نيل ادوين كما نسبت له المخابرات الصهيونية أنه شارك في قتل ما لا يقل عن 20 متهما بالتعاون مع السلطات الصهيونية كما وصفته الصحافة انه مطلوب خطير للغاية اعتاد على التنقل وهو يلف حزاما ناسفا حول خاصرته .
كانت الخيارات جميعها مفتوحة ، بالنسبة له الذي رفض كل خيار عدا الشهادة رفض الخروج وكان رده دوما الجهاد في فلسطين هدفي من المطاردة ولن أخرج أبدا حتى النصر أو الشهادة و أنني مستعد لإعداد عبوة ناسفة أفجر فيها نفسي في جمع من الصهاينة ولا أفكر في مغادرة غزة التي أعشقها .
رفيق المجاهدين
عاش شهيدنا القائد مع العديد من المجاهدين والشهداء القساميين أبرزهم الشهيد القائد عوض سلمي " أبو مجاهد " حيث نفذ برفقته العديد من العمليات العسكرية أبرزها عملية برج المراقبة في السرايا والتي أسفرت عن مقتل جنديين صهيونيين ، والقائد الشهيد إبراهيم النفار ، والشهيد طارق دخان ، والشهيد ياسر الحسنات ، والقائد الكبير محمد الضيف ، المجاهد نضال دبابش ، الشهيد حاتم حسان ، الشهيد سعيد الدعس ، وغيرهم الكثير.
في عهد الحكم الذاتي
بقي كمال يعيش حياة المطاردين حتى قدمت السلطة الفلسطينية وتغيرت الحياة وتبدلت وبقيت حياة كمال كحيل كما هي مطاردة وكم قدم العملاء الشكاوي الكيدية ضده خاصة بعد الاتفاق على ترك ملاحقة العملاء للسلطة الفلسطينية .
و كان للشهيد كمال رحمه الله شرف العمل مع الكثيرين ممن سبقوه في درب الشهادة من قادة و مؤسسي الجناح العسكري لحماس ، و كان آخرهم الشهيد المهندس يحيي عياش أحد أبرز قادة كتائب الشهيد عز الدين القسام أثناء تواجده في غزة ، و عمل إلى جانبه و خططا معا عشرات العمليات الاستشهادية و المقاومة ، و يقال إن الانفجار الذي أسفر عن استشهاد كمال كان يهدف لتصفية كلا القائدين إلا أن إرادة الله حفظت المهندس من كيد الظالمين .
كان يعيش حياة المطاردين بكل حذر وقوة وتسري روحه الوثابة بين إخوانه بكل عزم ومضاء فنشأت مجموعة مقاتلة خاصة تابعة لكتائب الشهيد عز الدين القسام كانت تري في كمال النموذج الأروع للتضحية والفداء فالتفتت حوله تتعلم من خبراته وتتعاون معه .
وفي هذا الوقت لم تتوقف محاولات المخابرات الصهيونية عن القضاء على كمال كحيل خاصة في ظل تواتر المعلومات من أكثر من شخص وقعوا في قبضة الصهاينة حول وقوف كمال ومسئوليته عن عدد من العمليات العسكرية .. كان أبو محمد في ذلك الوقت قد استقر به المقام في حي الشيخ رضوان وفي منزل الشهيد سعيد الدعس بالتحديد .
المؤامرة الكبرى !!!
كان يوم الأحد 2-4-1995 يمضي بتثاقل غير معهود حيث كمال وحاتم وعلى وسعيد ونضال يعدون العدة لعمل جهادي جديد خاصة بعد اعتقال سائق شاحنة مليئة بالمتفجرات كانت تنطلق لتنفيذ عمل عسكري نوعي كان كل شيء يمضي هادئا حين هز أركان الشيخ رضوان انفجار هائل استهدف بشكل مباشر اغتيال كمال كحيل و إخوانه المجاهدين وتناثرت الأشلاء على مسافة تزيد عن ثلاثة مائة متر وانتشرت الدماء في كل مكان .
وارتقي أبو محمد صهوة المجد ودلف من بوابة الشهادة والاصطفاء الذي يقدره الله لأوليائه الصالحين ارتقي أبو محمد بعد أن غدا علماً من أعلام الجهاد والمقاومة وشجرة وارفة الظلال يلتجأ إليها المجاهدون فيجدون في ظلها سلوى الغربة وحرارة الثأر فلم يكن أبو محمد يقنع بأقل من الرد المباشر و ها هو أبو محمد يتصاعد ويحلق في سماء الوطن المسجي في اغتراب وألم و ها هي غزة التي عشقها تحترق وحيدة بين الحزن و الأسلاك الشائكة تحاول بصبر عبور اليأس .
غزة اليوم ترتدي السواد وتتمتم بصوت خافت من لأولئك القانطين يدافع عنهم ويثأر لدمائهم بكثير من الرجاء تصرخ غزة هل من وريث لأبي محمد يمسح الدمعة ويوقظ الهمة تحفر غزة أغلالها على الضجيج يوقظ النائمين على صدورها تئن غزة دما تنفث بمرارة وحسرة ككل المدائن المفجوعة بدم أعز أبنائها تحلم غزة بالسكينة فإذا سكينا يغرس في صدرها الموت لدي أبناء غزة أحجية سهلة يفهمها الصغار رغم مرارتها عبر دروس كمال .
رغم ذلك فإنها تلملم جراحها وتلعق دمها الساخن الذي يصنع جداول في طرقات الثورة المفتوحة تضم غزة كمال إلى صدرها دم فوق دم ، أشلاء فوق أشلاء ، حجر فوق حجر ، قبور الشهداء قواعد البيت الذي يضم شتات الحلم ويخلق غزة الوهج الذي لا ينطفئ .
وفور سريان الخبر تناثرت الجموع تناثرت الجموع تودع الجنرال الذي دوخ قوات الاحتلال ورسم معادلات جديدة للمقاومة والتحدي و أعلنت كتائب القسام نعي رجلها المقدام وحملت أجهزة الأمن الصهيونية مسئولية الانفجار .
وقدمت قوات الأمن في السلطة الفلسطينية ولملمت قطع اللحم المتناثرة وتم نقل الجرحى إلى المستشفي وبعد إجراء التحقيقات تم دفن أشلاء الجثث وبتاريخ 3/5/1995 ذكرت صحيفة يدعوت أحرنوت الصهيونية أن وحدات الشين بيت نجحت في تصفية المطلوب الأول في قطاع غزة وقالت صحيفة دافار العبرية الصادرة بتاريخ 4/4/1995 إن اغتيال كمال كحيل كان مدبراً وكميناً معداً بشكل مسبق وأضافت أن اغتيال كحيل يعد إنجازاً أوليا كبيراً لرئيس الشين بيت الجديد .
فاغتيال الشهيد كحيل واحدة من أجزاء الحرب الدائرة والمتصاعدة بين كتائب القسام وأجهزة الاستخبارات الصهيونية ووحداتها الخاصة المستعربة .
وأصيب المجاهد نضال دبابش حيث نقل على اثر الحادث إلى مستشفى الشفاء وبعد ساعة من وصوله المستشفى اختفى من المستشفى وقد اعترفت السلطة على لسان الطيب عبد الرحيم في تصريح له آنذاك أنه معتقل !! ثم لم يظهر دبابش حتى الآن !! .
وفي تظاهرة احتجاجية حاشدة ضمت عشرات الآلاف من أبناء قطاع غزة وداعا للشهداء كمال وحاتم و بلال الدعس في جنازة رمزية حملت خلالها الحشود نعوش فارغة واستمر موكب الوداع المهيب من وسط غزة حتى مقبرة الشهداء الشرقية وهناك تقدم التحية للأشلاء الممزقة التي واراها التراب تلك الأشلاء التي قدمت كل ما تملك فداء لفلسطين والأقصى .
وعصر يوم الأربعاء 5/4/1995 احتشد عشرات الآلاف وأمام منزل الشهيد كمال في حفل تأبيني للشهيد و إخوانه وانطلقت زخات الرصاص من أبناء كتائب القسام تحية للشهيد .
هكذا جري الوداع المهيب للجنرال الفذ كمال و إخوانه ولكن هل يمضي كمال دون أن يتم الثأر لدمائه العزيزة فكم قدم كمال من قرابين الثأر لإخوانه الشهداء الذين سبقوه على طريق ذات الشوكة .
ظهر يوم الأحد 9/4/1995 وبعد أسبوع واحد فقط من الانفجار والأشلاء والدماء تمت عملية استشهادية نفذها الشهيد ( خالد الخطيب ) من مخيم النصيرات وهو أحد أبناء حركة الجهاد الإسلامي بالقرب من مغتصبة كفار داروم قرب دير البلح انفجرت سيارة خالد جانب رتل عسكري أسفرت عن مقتل سبعة و إصابة حوالي أربعين و أصدرت القوي الإسلامية المجاهدة بيانا أعلنت مسئوليتها عن العمل الاستشهادي وأهدته إلى روح شهداء مجزرة الشيخ رضوان شهداء كتائب القسام كمال كحيل ورفاقه وبعد ساعة فقط كان عماد أبو أمونة عضو كتائب القسام من مخيم الشاطئ وفي مغتصبة نتساريم ينفجر في قافلة دوريات عسكرية وأسفرت عن مقتل جندي و إصابة عشرة آخرين وقد أعلنت كتائب القسام مسئوليتها عن العملية ردا على استشهاد كمال ورفاقه وردا على تدخل المخابرات الصهيونية في شئون القطاع الداخلية بينما كانت أهازيج الثأر لكمال و إخوانه تتردد بقوة .
وهذه قصيدة شعرية مهداة إلى روح الشهيد كمال تحت عنوان قسما لروحك
دمع الجليل ودمع غزة يقطر والنار في أفق المكبر تظهر
والقدس جرحك في صميم جراحها وحديث ثأرك يا كمال يزمجر
قسما بمن جعل الجهاد مقدسا إنا لروحك يا كمال سنثأر
قسما لروحك ليس يطفئ ثأرنا إلا الدماء على السفوح تفجر
سنحطم الكف التي عاثوا بها ونزلزل القدم التي تتبختر
الموت يا رابين نشرب كأسه بإرادة لكننا لن نقهر
سيل الدماء بلغ الزبى يا معشر سيفيض نصرا حاسما فاستبشروا
سيكون طوفانا من الأرواح تصعد للسماء بلهفة وتكرم
إن أمعن الجبناء في إجرامهم فالله من كل الجرائم اكبر
طوبى لأيدي بالدماء خضابها والويل للأيدي التي تتآمر
لك وحدك المجد يركع يا أيها السيد العظيم لك أبا محمد طأطأ الجمع رأسه خجلا وحياء .. منذ اليوم الأول والميلاد الأعظم للكتائب القسامية أقسمت العهد والبيعة على المضي في طريق ذات الشوكة .. وحملت اللواء ورفعت الراية الخضراء قاتلت بالحجر والخنجر والسكين و المولوتوف والمسدس والرشاش والتفجير ... لم تترك اليهود وسيلة ولم تدع للقاعدين عذرا .. فطرق الجهاد والاستشهاد مفتوحة أبوابها ولكن أين الرجال أصحاب النية الصادقة والعزيمة انقطعت بك السبل اثر استشهاد رفقاء الدرب وبقيت وحدك دون اتصال أو عمل فكنت كعادتك عملاقا و كونت ( مجموعة الإعدام القسامية ) التي أرهقت اليهود وأعوانهم وغدا كل العملاء يتلفتون حولهم تنقبض قلوبهم تشخص أبصارهم لهول رؤياك أو ذكر اسمك حتى اقترن اسمك بالتطهير وقناعتك دوما كانت أن العملاء اشد خطرا وأكثر بلاءً , صدقت ..( لم تقعدك الدنيا ولا كثرة العيال وقلت بلغة الواثق سأبقي هنا على الزناد إصبعي وكالجحيم مدفعي لن أغادر الأرض الحبيبة ولن أعود لمنزلي ).
أجبتهم بلغة الواثق العنيد (إلى لقاء ربي أمضي جواره خير منكم وقد اخترت الطريق ) ، حاصروك لأنك أكبر من الإغواء والإغراء ، كلفوا المجموعات تلو المجموعات في البحث والتنقيب عن الشبح الرهيب فحاصرتهم وقذفت كرة اللهب في أحضانهم فتراجعوا خائفين وسقطوا مذعورين وأيقنوا انه لا سبيل إلى حصار الرجال الشهداء " مع وقف التنفيذ " ، لأنهم الجبال الشامخات عشقت الموت واحتضنته حقيبة متفجرة وقذفته نارا في وجه الأوغاد.
ثم جئت على ميعاد .. جئت على ميعاد .. ميلاد جديد .. ميلاد عظيم .. فما أعظم حياة الجهاد كنت دوما تنتظر لحظة التفجير كنت تأبى الموت الطبيعي أو حتى الاستشهاد بالرصاص أو الذبح كنت دوما تقول ( لست أقل من إخواني الذين جهزتهم للتفجير أيمن و أشرف و .. ) ، انفجرت في لحظة أيقظ دوى انفجارك كل العالم وأعاد الفكرة بعد أن ذهبت إلى السكرة واستيقظ الجمع الحالم ، فإذا السراب يلفهم وعيناك تحاصرهم وقطع لحمك تقذفهم ودمك النازف يكتب على كل الأزقة النور البرهان على صدق الطريق وحسن التوجه لله رب العالمين ,وأبى إخوانك الأحرار رفقاء الشوط الأخير إلا الرحيل معك فحزم (حاتم) متاعه وشد (سعيد) خطاه ليلحق بالركب أنه الفوز إنها الجنة وما أجملها من رحلة وأبى المتفجر انتقاما (عماد) إلا اللحاق بركب العظماء فكان شفاء صدور المؤمنين بتفجير خالد وعماد إنه الجهاد والاستشهاد إنها حماس إشراقة أمل على طريق التحرير فسلام لك سلام لك أيها المتفجر ناراً وبركاناً سلام لك وأنت تكتب تاريخاً جديداً سلاماً لك وأنت تعيد تصحيح الاتجاه لمن فقدوا البوصلة سلاماً لك وأنت تمنحنا الحياة .
وهكذا أومأ كمال كحيل برأسه وأشار على البعد علامة النصر فها هو الطريق الذي شقه يتواصل و ها هي أحلى الأنغام نسمعها تدوي في (نتساريم وكفار داروم) وهو يستلقي بعيدا هناك وإلى جواره ساعده الأيمن (حاتم حسان وسعيد الدعس ) و يومأ بابتسامة رقيقه نحو (عماد عقل) ينبأه فيها صدق الطريق وتواصل العطاء اللا محدود ويعلمه أن غزة كما هي تعشق التواصل الدامي ولا يزعجها برد الانقطاع عن المجاهدين الأفذاذ يعلمه انه ما ضاع الاتجاه وما فقدنا البوصلة .
نعم غزة جريحة وتئن ولكن لم يكن الرصاص والانفجار يخيفها فهي لا ترتعش وحيدة على شاطئ الخوف ولن تبكي وحيدة سوف يبكي الآخرون ولن تغرق غزة في البحر ولكنها سوف تصنعه .
أومأ كمال برأسه ونام ... نام كمال كحيل ... نام الجنرال الشهيد .