قتل اربعة اشخاص واصيب اخرون بجروح أمس عندما اطلقت قوات الامن السورية النار بدون تمييز في مدينة جبلة القريبة من اللاذقية شمال غرب سوريا، كما اكد شاهد عيان وناشط حقوقي. وافاد شاهد عيان وناشط حقوقي لوكالة فرانس برس «ان اربعة قتلى سقطوا اثر اطلاق رجال الامن النار عليهم». واكد شاهد في اتصال هاتفي بوكالة فرانس برس ان «مجموعة من القناصة ورجال الامن اطلقوا النار في شوارع جبلة بعد زيارة قام بها محافظ اللاذقية الجديد عبد القادر محمد الشيخ الى المدينة للاستماع الى مطالب السكان مما اسفر عن مقتل شخص على الاقل وجرح العشرات». واضاف الشاهد «ان الوضع سيىء جدا الان».
واوضح الشاهد «ان جبلة كانت هادئة ومستقرة صباحا والحياة تجري بصورة طبيعية حيث زارها المحافظ وقابل وجهاءها في جامع الايمان واستمع الى مطالب السكان واخذها على محمل الجد». وتابع «بعد خروج المحافظ تم تطويق جبلة من جميع الاطراف وانتشر عناصر من الامن وبدأوا باطلاق النار». وذكر المرصد السوري لحقوق الانسان للوكالة ان «اكثر من 3 الاف متظاهر تجمعوا بالقرب من بانياس على الطريق العام المؤدي من مدينة اللاذقية الساحلية (غرب) الى دمشق، معلنين اعتصامهم تضامنا مع اهل جبلة». ثم اضاف المرصد لاحقا «ان المتظاهرين دخلوا الى بانياس خوفا من الاعتقال لينتقلوا من حالة الاعتصام الى تظاهرة». إلى ذلك، قال ناشطون في بيان أمس ان عدد قتلى التظاهرات التي شهدتها سوريا الجمعة والسبت ارتفع الى 120، متهمين السلطات السورية بقتل المتظاهرين العزل والاستهانة بحرمة الاموات باطلاقها النار على مواكب التشييع. واوردت «لجنة شهداء ثورة 15 آذار» التي تحصي ضحايا قمع الحركة الاحتجاجية في سوريا في بيان تسلمت وكالة فرانس برس نسخة منه اسماء 13 قتيلا جديدا سقطوا يوم الجمعة منهم 4 في دمشق وريفها، و3 في حمص (وسط) و6 في مدينة حماة (وسط). كما ذكرت اسماء 25 قتلا سقطوا يوم السبت بنار رجال الامن اثناء مشاركتهم في تشييع المتظاهرين الذين قضوا الجمعة. وقالت ان 18 منهم قتلوا في درعا (جنوب) وواحد في حمص وستة في دمشق وريفها. وبذلك ترتفع حصيلة القتلى ليومي الجمعة والسبت الى 120 شخصا.
وكانت «لجنة شهداء ثورة 15 آذار» اوردت في بيان اسماء 82 شخصا قالت انهم قتلوا الجمعة في عدد من المدن والقرى السورية، موضحة ان هذه الحصيلة يمكن ان ترتفع. واسفرت موجة الاحتجاجات التي شهدتها سوريا عن مقتل 348 شخصا على الاقل منذ 15 اذار بحسب احصاء اعدته وكالة فرانس برس.
وشيع الالاف أمس في مدينة نوى جنوب سوريا اربعة قتلى سقطوا السبت بنيران رجال الامن خلال مشاركتهم في جنازات متظاهرين قتلوا في «الجمعة العظيمة» هاتفين بشعارات مناهضة للنظام، وفق ما افاد ناشط حقوقي. وقال هذا الناشط في حقوق الانسان لوكالة فرانس برس طالبا عدم كشف هويته ان «نحو 40 الف شخص شاركوا في تشييع اربعة شهداء قضوا السبت اثناء مشاركتهم في تشييع المتظاهرين الذين قتلوا الجمعة» في مدينة ازرع القريبة من درعا جنوب سوريا. واضاف الناشط «اقام الاهالي عند مداخل المدينة حواجز شعبية لضمان عدم حدوث هجوم من قبل عناصر من الامن». واغلقت معظم المحلات التجارية في درعا حدادا على القتلى، كما قال الناشط نفسه.
وفي دوما (ريف دمشق) اشار ناشط اخر لوكالة فرانس برس ان «الالاف شاركوا بتشييع اربعة شهداء في دوما (ريف دمشق) قضوا السبت عندما اطلق رجال الامن عليهم النار خلال جنازة لمتظاهرين». وكشف الناشط للوكالة «ان السلطات اجبرت المشيعيين على تغيير المسار الذي اعتادوا اتباعه لتشييع ضحاياهم لتفادي اتخاذ الطريق المؤدي الى حرستا» لافتا الى «هذا الطريق يؤدي بعد ذلك الى دمشق». وذكر الناشط ان المشيعيين كانوا يطلقون بهتافات مناهضة للنظام». ولفت الناشط الذي قال انه يجري اتصاله من قرية بالقرب من دوما الى ان «الاتصالات مقطوعة في دوما بما فيها الهواتف الارضية والخليوية والانترنت». واشار الى «وجود عدد من المدرعات على مداخل المدينة وانتشار عدد كثيف من رجال الامن المسلحين في المدينة»، مضيفا ان «نحو 20 باصا تابعا للامن المركزي بالاضافة الى سيارات تابعة للامن اصطفت امام المشفى الوطني والسجن».
ومن جهة ثانية، نقلت وكالة الانباء الرسمية (سانا) عن مصدر مسؤول في الجيش ان «عدد الشهداء الذين استشهدوا برصاص المجموعات الاجرامية المسلحة بعد ظهر السبت في بلدة نوى ارتفع الى سبعة شهداء». كما اشار المصدر الى «استشهاد عنصرين من القوى الامنية احدهما في بلدة المعضمية (ريف دمشق) والثاني في مدينة حمص (وسط)». وكانت الوكالة اعلنت السبت نقلا عن مصدر مسؤول عن تعرض «مفرزة امنية في بلدة نوى بريف درعا لهجوم من قبل مجموعة اجرامية مسلحة»، مشيرة الى مقتل «خمسة عناصر من المفرزة وجرح خمسة اخرين ومقتل عنصرين من المهاجمين واصابة خمسة عشر اخرين بجروح».
وقالت لجنة الحقوقيين الدولية أمس ان على مجلس الامن التابع للامم المتحدة التحقيق فيما قامت به قوات الامن السورية من «قتل جماعي» ربما يستلزم محاكمة من المحكمة الجنائية الدولية. وقالت لجنة الحقوقيين الدولية ان أكثر من 330 شخصا لقوا حتفهم خلال خمسة أسابيع من الاحتجاجات بعد أن أطلقت قوات الامن النار على الحشود وواصلت القاء القبض على النشطاء. وأضافت أن القتل وقع في اطار قمع للاحتجاجات منذ 15 اذار في درعا واللاذقية وحمص ومدن أخرى. وقدمت مجموعة من المحامين ونشطاء حقوق الانسان أسماء أغلب الضحايا. وقالت اللجنة التي تضم 52 من الحقوقيين البارزين في بيان صدر الليلة قبل الماضية «يعتقد أن قوات الامن السورية -بمن في ذلك أفراد من الحرس الرئاسي وميليشيا موالية للنظام- تنفذ هذه الهجمات».
وقال ويلدر تيلر الامين العام للجنة ان مجلس الامن لابد أن يحمي المتظاهرين المسالمين من القتل غير المشروع ولابد أن يتحرى الوضع «بهدف محاسبة الجناة واقامة العدل للضحايا». وتابع «لابد من المحاسبة الجنائية لمن يأمرون بمثل هذه الهجمات وينفذونها بمن في ذلك من يطلقون الرصاص الحي على الحشود». وحثت اللجنة السلطات السورية على وقف ما أسمته استخدام القوة غير المتكافئة ضد المحتجين. وقال سعيد بن عربية المستشار القانوني للجنة في الشرق الاوسط وشمال افريقيا «هناك ما يكفي من الادلة التي تظهر وجود قتل جماعي الان.. الاعتقالات مستمرة هذا الصباح». ومضى بن عربية يقول «لابد أن يقيم مجلس الامن حجم انتهاكات حقوق الانسان». وتابع «لابد أن يحدد ما اذا كان يجدر تشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق واذا توفرت أدلة كافية يتعين احالتها /الانتهاكات/ الى المحكمة الجنائية الدولية» التابعة للامم المتحدة التي تحقق في جرائم الحرب ومقرها لاهاي. وقالت اللجنة ان على السلطات أن تفرج على الفور عن الاف المحتجين الذين ذكرت أن قوات الشرطة وأمن الدولة احتجزتهم تعسفيا خلال الاسابيع الخمسة الماضية. والكثير من الاسر لا تعلم شيئا عن أماكن احتجاز أبنائها. وقالت اللجنة «تعرض عشرات.. منهم أطفال للتعذيب وتعرض اخرون لسوء المعاملة». وفي مدينة حمص قال ناشط اخر ان قوات الامن اعتقلت منصور العلي وهو شخصية بارزة من الاقلية العلوية الحاكمة بعدما عارض علنا اطلاق قوات الامن النار على المحتجين المطالبين بالتغيير الديمقراطي. إلى ذلك، أعلنت منظمة حقوقية في بيان أمس ان اجهزة الامن السورية قامت بحملة اعتقالات في عدة مدن سورية على الرغم من الاعلان عن رفع حالة الطوارئ. وقال المرصد السوري لحقوق الانسان الذي يتخذ من لندن مقرا له في بيان ان حملة الاعتقالات التي جرت الجمعة شملت «العشرات في عدة مدن سورية». وذكر البيان خصوصا ادلب (شمال) حيث جرت الاعتقالات على «على خلفية المظاهرة التي خرجت الجمعة في مدينة سراقب» قرب ادلب، وحلب (شمال) وجسر الشغور (شمال غرب) والرقة (شمال شرق). ودان المرصد بشدة استمرار السلطات الامنية السورية «ممارسة سياسة الاعتقال التعسفي» على الرغم من رفع حالة الطوارئ، مطالبا السلطات السورية «بالافراج الفوري عن كافة معتقلي الرأي والضمير في السجون والمعتقلات السورية». من جهة اخرى، طالب المرصد بتشكيل «لجنة تحقيق مستقلة من حقوقيين مشهود لهم بالحياد والنزاهة بجرائم القتل» التي حصلت الجمعة «تمهيدا لتقديم الجناة الى محاكمة علنية لينالوا عقابهم العادل». وافرجت السلطات السورية أمس عن رئيس لجان الدفاع عن الحريات في سوريا دانيال سعود الذي اعتقلته أمس الأول من منزله في بانياس، شمال غرب البلاد، كما صرح ناشط حقوقي. وافاد رئيس المنظمة الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان عمار القربي لوكالة فرانس برس «ان السلطات الامنية افرجت عن دانيال سعود». واشار الى ان «الاعتقال الذي تم من منزله بمداهمة وبدون اذن او مذكرة قضائية وبواسطة الامن يجعل من رفع حالة الطوارئ خديعة». واضاف قربي «استغرب اعتقال سعود رغم انه كان يمارس دور تهدئة في بانياس» مشيرا الى انه «ينتمي الى خلفية شيوعية». وقال ناشطون ان المحتجين الداعين للديمقراطية في سوريا لن ترضيهم خطوات الاصلاح التي يقوم بها النظام وانهم مصممون على الاطاحة بالرئيس بشار الاسد.